الماء مصدر للحياة

21 mars 2007
أغنيات، رقص وموسيقى... إنه يوم الاحتفال في (أتانتاني)! يشكل الاثنين 29 كانون الثاني2007 يوماً تاريخياً في هذه القرية الجبلية الصغيرة في جنوب النيجر. فللمرة الأولى ستتدفق مياه الشفة من حفرة جديدة وتغذية السكان جميعهم. إنها بداية عصر جديد لهذا القرية، قبل أيامٍ من اليوم العالمي للمياه. في النيجر، فقط 40% من السكان يستفيدون من المياه الصالحة للشرب عل بعد 20 دقيقة فقط مشياً على الأقدام. على صعيد الكرة الأرضية يستهلك حوالى مليار شخص مياهاً غير صالحة للشرب و 2.6 ملياراً لا يملكون حتى إمدادات التطهير الأساسية. 2.000 رجل، وامرأة وطفل من (اتانتاني) تجمعوا على مقربة من مصدر الحياة الجديد محيطين برئيس البلدية وممثلي اليونيسف و(فولفيك)، وهي ماركة من مجموعة (دانون) التي تسوّق المياه المعبّأة في القناني في فرنسا. في العام 2006، تعهّد ممثلوها امام اليونيسف بتحسين الحصول على مياه الشفة في منطقة (مارادي) في النيجر. واطلق على هذه العملية اسمٌ غريبٌ : "ليتر – 10 ليتر". أي مقابل كلّ ليتر يباع في فرنسا يسمح باستخراج 10 ليترات من مياه الشفة في النيجر. كما حدد لنا (غريغوري بوشكين) المسؤول في (فولفيك) فرنسا، "تمثّل ذلك بتجهيز 6 قرى مع جرّ لمياه الشفة. أي 30 بئراً محفوراً. ما يمثّل الحصول على مياه الشفة ل16.000 شخصاً خلال 15 عاماً. علماً بأنّ برنامج (فولفيك- يونيسف) يقضي ليس فقط بحفر الآبار بل بوضع منظمة كاملة في قلب القرى بالتعاون مع السلطات المحلية لصيانة الآبار وتنمية النشاطات الاقتصادية التي تدور حولها". وستتجدد هذه العملية لغاية العام 2009. في كل قرية، ستتمّ إقامة من 3 إلى 5 انصبة ينابيع. في (أتانتاني) فتح اوّل صنبور للمياه من قبل (فيرونيك جانو) وهي ممثلة فرنسية راعية هذه العملية. 5 الى 6 ساعات يومياً لجلب... مياه غير صالحة للشرب وتسجلُ هذه الحركة الرمزية بداية عصرٍ جديد لهذه القرية الجبلية حيث يشكل الحصول على المياه معركة يومية. أنه عبء على النساء والفتيات المكلفات بهذا العمل المرهق يومياً. قبل وصول أنصبة الينابيع كنَّ يمضين بين 5 الى 6 ساعات يومياً لجلب المياه! وهي ساعات كنَّ ليكرِّسنها للعناية بِالأطفال او الفتيان، في المدرسة. بالإضافة، لم يكنّ يجدن سوى مياه غير صالحة للشرب مستخرجة من بئرٍ كائنٍ على بعد 30 دقيقة مشياً من وسط القرية. 30 دقيقة ذهاباً مع جرّة 20 ليتراً على الرأس وفي غالب الأحيان مع طفلٍ محمولٍ على الظهر؛ فقط لإنتظار يدوم لدقائق معدودة قرب البئر ومعاودة طريق العودة لـ 30 دقيقة أخرى. وذلك لـ 4 أو 5 مراتٍ يومياً بحسب الحاجات إلى المياه وفقاً لحجم العائلة. في غالب الأحيان تكون مياه الشفة صالحة للشرب في المنبع. لكن الحركة حول البئر هي التي تلوثها بالإضافة الى وجود الحيوانات والحبال المتحركة دوماً الملفوفة على الدلو. وهي تنزلُ الى عمق البئر مليئة بالطفيليات والصدأ. وهكذا تتسبب المياه مصدر الحياة سنوياً في العالم بمقتل أكثر من 1.5 طفل. 4200 يومياً! ومعظمهم من الأطفال المتحدرين من البلدان النامية من بينها النيجر وهو أحد البلدان الأكثر فقراً في العالم حيث يموت أكثر من طفلٍ من بين 4 قبل بلوغ عامه الخامس! على بعد مئات الكيلومترات من هنا بدأت قرية (غيدان غازوبي) ثورتها عبر وضعِ بئر في العام 1992 بنتائج تعدت إنشاء نقاط مياه على مقربة من السكان. النتائج على الصحة اولاً. صحة الأطفال بما انّ امراض الإسهال تدنّت كثيراً. إنما صحة النساء ايضاً بما انّ الوفيات لدى النساء تدنّت أيضاً. وبعيداً عن التاثير الصحي، حرّر وصول المياه بعض الوقت للنساء للاهتمام بالأعمال المنزلية والسهر على الأطفال والذهاب إلى الحقل وحصد الذرة البيضاء وتكديسها. والوقت ايضاً لتحضير وجبات الطعام وتكريس بعض الوقت أيضاً لحصص التعلّم. وانقلبت حياة الفتيات رأساً على عقب. فهنّ الآن يستطعن الذهاب إلى المدرسة التي يمكننا ان نجد فيها مياه الشفة وحيث يتمّ تعليم الطلاب دروساً في النظافة. نعلّم غسل اليدين بالماء والصابون بعد الدخول إلى الحمام. إنها حركة يجب تكرارها عدة مرات في اليوم خلال تحضير الطعام. كلّما انتقلنا من غذاء إلى آخر. تحسّن الصحة والتربية و الاقتصاد المحلي كما يشرح لنا (ارسين ازاندوسيسي) المسؤول عن مكتب اليونيسف في (مارادي)، "عندما نضع المياه، يستقرّ وضع القرية وتبدأ الاستثمارات. و تجد الصحة والتربية نفسها مشوّشة ". في القرى، المياه مدفوعة الأجر. وهكذا انشئت عملية اقتصادية مع خلق مهن جديدة كمتولّي المياه وجمعيات مستعملي المياه... "المبلغ المطلوب من السكان ضئيل جداً" يحدد (ارسين ازاندوسيسي)، "فالكلّ يدفع وفقاً لقدراته.لأن إذا لم ندفع لقاء الحصول على المياه، لا يمكننا التصليح في حال حدوث اعطال. يسمح ذلك بتسجيل الحفر خلال المدة". لغاية العام 2015، حددت منظمة الأمم المتحدة هدفاً بتقليص عدد الأشخاص الذين لا يملكون المياه الصالحة للشرب إلى النصف. وقد وضعت برامج الحصول على مياه الشفة او المكررة في العديد من البلدان غير النيجر، كبوركينا فاسو وساحل العاج والكاميرون ورواندا واثيوبيا. مثلاً، في هذه البلدان، أقلّ من نصف القرويين يملكون مياهاً صالحة للشرب. وهكذا، في كانون الأول الماضي، وضع تعاون بين الاتحاد الأوروبي واليونيسف لتغذية حوالى 1.4 مليون اثيوبي بالمياه لغاية 5 سنوات. في ساحل العاج، يهدف برنامج آخر إلى المحافظة على الحصول على مياه الشفة وتحسينها في 4 مناطق من البلاد. والهدف: تصليح أكثر من 1.000 مضخة معطلة ومهملة في قرى مختلفة. في هذا البلد كما في بلدان اخرى، يبقى التحدي المستقبلي لليونيسف تطوير شبكة تطهير المياه. وهذه مرحلة جديدة تتطلّب وقتاً واموالاً. ولكن الأمل كبير. في منطقة افريقيا الشمالية والشرق الأوسط لليونيسف مثلا ، احرز المغرب ومصر والجمهورية العربية السورية تقدماً خلال 15 سنة الماضية. وهو تقدم كبير جداً في ما يتعلّق بشبكات تكرير المياه. وتملك هذه البلدان اليوم نسبة تغطية من 70 إلى 90%. مصدر:من مرسلنا الخاص في النيجر، 26-31 كانون الثاني 2007، منظمة الصحة العالمية، يونيسف، كانون الثاني 2007
Aller à la barre d’outils