من المغرب الى افغانستان، المرأة والطفل ينقصهما الصحة

07 décembre 2006
سنوياً، يموت 1.400.000 طفلاً لم يتجاوزوا الخامسة من العمر في البلدان 22 في منطقة البحر الأبيض المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وهي منطقة تمتدّ من المغرب إلى باكستان مروراً بأفغانستان، وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية المستقلة والسودان. ولكن ليس الجزائر الذي يشكل جزءاً من منطقة أفريقيا لمنظمة الصحة العالمية. إذاً 1.400.000 طفل يموتون ولم يبلغوا الخامسة من العمر، أي 15% من مجموع الوفيات العالمية لشريحة العمر هذه. وبالطبع نحن بعيدون عن المصائب التي تعيشها افريقيا الصحراوية والتي تعدّ وحدها حوالى 8 ملايين وفاة من بين الذين لم يبلغوا الخامسة. ولكن العديد من الصغار يموتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية والأسوأ من ذلك، أنّه يمكن تجنّب موتهم بشكل كبير... والسبب في قسم كبير منه يعود إلى نقص التثقيف الصحي والمعلومات ولكن أيضاً ثقل التقاليد. وكرّست المجلة الطبية الجادة جداً British Medical Journal عدداً خاصاً حول صحة المرأة والطفل في هذه البلدان 22 من الغالبية المسلمة. فلنبدأ من البداية: صحة المرأة. فهي تختلف بشكل كبير من بلدٍ إلى آخر. ولكن بشكل عام، يبقى الحمل والولادة والاعتناء بالمولود مشكلة الصحة العامة الحقيقية. وبالطبع، لا يدخل بعض هذه البلدان في هذا الواقع ولكننا سنعود إلى ذلك. في الصومال، مثلاً، تتمّ إحاطة 34% فقط من الولادات من قبل أخصائيي صحة كفوئين. وهي نسبة تتدنّى إلى 22% في اليمن و... 14% في أفغانستان. أي اقلّ من ولادتين من 10! وهذا لبيان الطريق الطويل لسلوكه في هذا البلد المنكوب بسبب الحرب. وفي ما يتعلّق بالإجهاض، يمنع معظم البلدان المسلمة هذه الممارسة. والنتيجة المباشرة، تقدّر منظمة الصحة العالمية بأنّ 2.600.000 امرأة تجهض سنوياً من دون مساعدة طبية. وفي غالب الأحيان في ظروف صعبة. فهذه الممارسات تسبب بـِ11% من وفيات الأمهات في المنطقة... من جهة وسائل منع الحمل، فالاختلافات كبيرة جداً بين مختلف البلدان في منطقة البحر الأبيض المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية. في السودان، أقلّ من 10% من النساء المتزوجات يستعملن وسيلة لمنع الحمل. وفي أفغانستان، فهنّ أقلّ من 14%. بينما في لبنان والمغرب أكثر من 60% منهنّ يلجأن إلى وسيلة لمنع الحمل. في الجزائر، الذي لا يشكل جزءاً من المنطقة التابعة لمنظمة الصحة العالمية في البحر الأبيض المتوسط، ولكنه جار الغرب المباشر، أكثر من نصف النساء المتزوجات يلجأن إلى وسيلة لمنع الحمل وفي 80% من الحالات تكون فموية. فلنتوقف قليلاً عند الولادات. في هذه البلدان، يحصل معظم الولادات في المنزل، مع كافة المشاكل الصحية التي تنتج عن ذلك: عدم الاعتناء الطبي الملائم وفي حال المضاعفات... الموت. الموت خلال وهب الحياة او وضع مولود ميت... هذا هو الواقع الذي يجب ان تعيشه الأمهات في مصر والسودان وباكستان والصومال واليمن والعراق. فمن بين 1.000 ولادة، 60 منها تنتهي بمأساة: موت الطفل، او الوالدة او الإثنين معاً. وانما هذه الوفيات يمكن تجنبها بجزء كبير! فاكثر من 75% من الوفيات بسبب الاسهال يمكن تجنبها... كما يمكن تجنّب 60% من التهابات الرئتين و84% من الملاريا. واذا تعيّن على مجمل البلدان 22 من منطقة البحر الأبيض المتوسط ان تبذل جهداً لتحسين صحة المرأة والطفل، فقد احرز العديد من بينها تقدماً ملحوظاً خلال 20 سنة الماضية. إنها مثلاً حالة الغرب وتونس. فهذين البلدين يعيشان قصة نجاح صحية. المغرب أولاً: فأكثر من 95% من الذين لم يبلغوا 5 من العمر تمّ تلقيحهم ضدّ امراض الأطفال الرئيسة كالخانوق والكُزاز الرضيعيّ والشاهوق وشلل الأطفال. والسبب: في بداية الستينيات، اطلقت السلطات سريعاً أولى حملات التلقيح. واليوم، يملك المغرب برنامجاً وطنياً للتحصين يؤمن تغطية لقاحية شبيهة بالعديد من البلدان الأوروبية. والسيّئة الوحيدة في هذا الجدول، الموت بسبب الحوادث المنزلية او غيرها. فهي لم تتراجع في المغرب. الأمر سيّان بالنسبة إلى الاعتناء بالمولودين قبل أوانهم بكثير. ولكن بشكل عام، يمشي المغرب على الطريق الصحيح. تكافح المملكة اليوم ضدّ الحميراء والحصبة. وتنوي السلطات اعتماد برنامج لاستئصال هذين المرضين قريباً وضعته منظمة الصحة العالمية. بعد المغرب، تونس. إنه أحد البلدان الأكثر تقدماً في بلاد المغرب على صعيد الصحة العامة. وضع المرأة، الضمان الاجتماعي، والمستوصفات تملأ البلاد... ويبدو انّ الجمهورية التونسية تتدبّر امرها جيداً بنظام العناية الذي يعمل بشكل سليم. في العام 2002، وضعت السلطات "برلماناً للأطفال" يسمح لهم التعبير عن آرائهم حول مواضيع تتعلّق بحقوقهم والتشجيع على التثقيف حول حقوق الطفل. ومن بين هذه الحقوق، هنالك الصحة بالطبع. إنه نظام فريد في المنطقة. اليوم في تونس، يبلغ معدل الحياة لدى المرأة 74 عاماً ولدى الرجل 70 عاماً. وتبقى محلّقة فوق معدل الحياة الذي يبلغ 43 عاماً في الصومال والسودان. وتظهر مكافحة السلّ في تونس فعاليّة الخدمات الصحية. فلا يشكل الأطفال سوى جزءاً قليلاً من المرضى. ومع 20 مصاباً بالسلّ من بين 100.000 شخص، يبتعد البلد اكثر فأكثر عن البلدان المجاورة. ما هو مفتاح هذه الفعالية؟ وجود المستوصفات التي تدعى "المراكز المتقدمة للاسعافات الاولية" التي أنشئت خلال نهاية الخمسينيات في إطار برنامج لاستئصال الملاريا. وإنّ خط الإسعاف هذا موجودٌ في كافة المناطق ويسمح بالاعتناء الفعال والمجاني للمرضى المعوزين. ويضاف إلى ذلك تطبيق خطة مكافحة المرض التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وهي استراتيجية (دوتس بلاس). والنتيجة، اكثر من 75% من حالات السلّ يتّ تشخيصها اليوم. و95% من المرضى المعاينين يتلقون العلاج. يبقى 5% إذاً فهو يعودون الى المرضى الذين يظهرون مقاومة ضدّ العلاج. مع اكثر من510.000 إيجابيي المصل، تأخذ السيدا طابعاً لا سابقة له في العالم العربي. في العام 2005، سجّلت 61.000 عدوى جديدة وتوفي العدد نفسه من ضحايا السيدا. والنقص في الوقاية له دخل كبير في ذلك. فالجزائر مثلاً، سجّلت ضعفيّ حالات عدوى جديدة من العام 2003. في المغرب تضاعفت هيمنة السيدا لدى النساء خلال الكشف ما قبل الولادة خلال خمسِ سنوات ويعيش 16000 مغربي اليوم مع هذا الفيروس. الحالات العامة في إزدياد إذاً يمكننا إيجادها أيضاً في ليبيا وبلدان المنطقة الأخرى. وحدها تونس تبدو بعيدة عن هذا الوباء خلال السنوات الأخيرة. فالعلاقات الجنسية غير المحمية هي الحافز الرئيس لملاحقة الإصابة في العالم العربي. في تقريرهما السنوي، تثيرُ منظمة الأمم المتحدة لمكافحة السيدا ومنظمة الصحة العالمية هذا الوضع. وهما يقدران بأنه يجب " بذل جهود كبيرة لإدخال إستراتيجيات أكثر فعالية لتجنب الإصابة بالسيدا في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا". فالنكران الذي من خلاله تعالج بلدان المنطقة هذه المشكلة الأساسية في الصحة العامة لا يسمحُ بالتطرّق إلى هذه المسألة بطريقة موضوعية. " ليس في منطقتنا": هذا هو الجواب الذي سمعته في غالب الأحيان الدكتورة كارلا مخلوف أوبرماير من قسم مكافحة السيدا في منظمة الصحة العالمية. وهي كتبت مقالاً مفصلاً جداً في العدد الخاص لمجلة British Medical Journal . والنتيجة صرحت مخلوف أوبرماير: "من الصعب الحصول على إحصائيات يمكن الإعتماد عليها لغاية الآن". ولكن مهما يكن تبقى الأرقام المقدمة من منظمة الأمم المتحدة لمكافحة السيدا ومنظمة الصحة العالمية قليلة الإرتفاع على السلم العالمي فهي لا تشكل سوى 1.3 % من الأشخاص المصابين بفيروس السيدا بعيداً جداً من أفريقيا الصحراوية معقل الوباء.
Aller à la barre d’outils