علاج السكري عشيّة ثورة؟

07 novembre 2005
أكثر من 12 ألف أخصائي إجتمعوا في أثينا بمناسبة المؤتمر 41 للجمعية الأوروبية لدراسة داء السكري! إنَّ هذا التدفق غير المسبوق يبرر نفسه بقوة. لأول مرة منذ العام 1921 يصبح علم السكري على مشارف الإكتشافات التي ستغير مجرى المرض ... وحياة المرضى. في العام 1921 حدّد (فرد بانتينغ و شارل باست) في كندا دور الأنسولين. في العام نفسه، أنقذوا مرضى مصابين بداء السكري بفضل الأنسولين. إنها ثورة أنقذت العديد من الأرواح و... ما زالت حتى لو تمَّ وضع علاجات أخرى منذ ذلك الوقت تدريجاً مع تقدم إستيعاب المرض. إذا كان معروفاً منذ القدم المصري، فقد تعين على التقدم الحقيقي الإنتظار لغاية القرن العشرين. مثلاً تميّز نوعي السكري. لدى المريض الشاب حيث يعود سبب المرض الى نقص في الأنسولين، نتكلم هنا عن السكري المعتمد على الأنسولين. لدى المريض المسن، الذي غالباً ما يكون دمه وافراً، يتعلق الأمر بسكري الدهني أو بسكري النضوج ، الذي يتميّز بفرط مزمن في السكر في الدم. اليوم نعرف عن هذين النوعين كالسكري من الفئة الأولى والسكري من الفئة الثانية. وقد تمَّ تطوير العلاجات المقترحة إنطلاقاً من هذه الفرضيات. تعطى الأنسولين بأشكالٍ متعددة ضد السكري من النوع الأول: أنسولين مستخرج من الخنزير؛ أنسولين تأخير؛ أنسولين تعطى بمضخات محمولة ومن ثم مزروعة؛ اخيراً إبتداءً من العام 2001 بما يشبه بنكرياس إصطناعي. ووجه الشبه لهذه العلاجات: طريقة الحقن وهي الطريقة الوحيدة لإعطاء الدواء. لغاية هذا العام الذي يمكن أن يسجل وجود نوعٍ من الدواء العجيب عبر التنشق. سنعود الى هذا الأمر ولكن... قبل الإنتهاء من مسألة الأنسولين، دعونا نذكر الأمل بزرع البنكرياس وتقدم الزرع خلايا البنكرياس. إنها علاجات صعبة التنفيذ لسوء الحظ على المدى الواسع. لا يوجد علاج مثالي... في ما يتعلق بالسكري من الفئة الثانية الأكثر شيوعاً بنسبة 90% من الحالات وبخاصةٍ الفئة التي تعرف حالياً تقدماً كبيراً، وجد الأطباء حلولاً عديدة. بعد إكتشافها منذ العام 1945 من قبل الفرنسيين (جانبون ولوباتيار) تزيد السلفاميد المنقصة للسكر في الدم إنتاج الأنسولين من قبل البنكرياس. في العام 1957 تمَّ إدخال سلسلة أدوية البيغوانيد التي تزيد من التفعال على الأنسولين الموجدة في الدم وأخيراً كابتي الألفاغليوكوسيدازالتي تتفاعل على مستوى المعي تمنع مرور سكر الأطعمة في الدم. مع ذلك أي من العلاجين ليس كاملاً. تبقى الأنسولين عبءً وإعطائها معقداً. في ما يتعلق بمضادات بالأدوية الفموية المضادة للسكري فهي على تسوي مشكلة المصاب بالسكري من الفئة الثانية في العمق. وإنَّ الجرعات يتم تكييفها بصعوبة لدى إنخفاض نسبة السكري في الدم. على مر السنين "ينجوا المرضى من العلاج" كما نقول: فهم يزيدون من 5، 6، 10، 15 كيلو وحتى أكثر. مع خطرِمضعفات خطيرة. في اليونان تمت إكتشافات عديدة من جهة، يعدون بأنسولين لا يتم حقنها ومن جهة أخرى ينفتح طريق جديدة في علاج السكري من الفئة الثانية وهي تحفيز المواد التي تفرز الأنسولين وهي هرمونات مصدرها الجهاز المعدي المعوي. ماذا تساوي هذه الإعلانات؟ هل تعدنا بتغييرات حقيقيّة ومستقبل مختلف حقاً لمرضى السكري؟ إنّ الأمل في جميع الأحوال منوط بالرهانات الحيوية المتعلّقة بمرض مسؤول، بحسب منظمة الصحة العالمية، عن وفاة شخص من أصل 20 شخص في العالم... حوالى 300 مليون مريض في العام 2030 لأنّ السكري ليس مرضاً نادراً ولا إصابة لأشخاص متميّزين عن غيرهم! بحسب منظمة الصحة العالمية، تعدّى عدد ضحايا السكري في العالم من 30 مليوناً في العام 1985 إلى 135 مليوناً في العام 1995 وسيصل إلى 284 مليوناً في العام 2030! في الشرق الأوسط مثلاً، يعاني 6% من السكان من داء السكري أي أكثر من 14 مليون مريضاً بين نساء ورجال. في قطر، تتعدّى هذه النسبة 24%. بنسبة شخصٍ من بين اربعة! إنما السكري يشكّل أولى مضاعفات السمنة! والتي تظهر لدى الشبان والأطفال حيث يلاحظ الأخصائيون وجود السكري من الفئة الثانية ابتداءً من سنّ 25. والسكري، خطير جداً بمضاعفاته! يعاني فعلياً مصابان بالسكري من بين ثلاثة من زيادة في الكولسترول وارتفاع في الضغط الشرياني. وفي ذهن السكان، " فإنّ العلاقة بين السكري والأخطار القلبية الوعائية أقلّ ارتباطاً من تلك الموجودة بين الكرولسترول او ارتفاع الضغط الشرياني من جهة، والأمراض القلبية من جهة أخرى"، كما يشدّد البروفسور (برنار شاربونال)، رئيس ALFEDIAM ورئيس قسم في المركز الاستشفائي الجامعي في نانت، فرنسا. الأمر خطير، لأنّ " السكريّ يضاعف خمس مرات الخطر المرتبط بكل عنصر خطر آخر!" 50% من الوفيات بسداد و 8.000 بتر للأرجل ! هل تريدون مثلاً؟ لدى السكان عامةً، لا يتعدّى خطر السداد خلال فترة ممتدّة على 7 سنوات نسبة 3.5%. في حال السوابق القلبيّة، يقارب 19% ولكن لدى مرضى السكري، يتعدّى الخطر 20% وحتى... 45% إذا كان هنالك سوابق قلبية! إنّ هذه الأرقام التي أعلنها البروفسور (بيار أمويال)، وهو عالم أوبئة في المركز الاستشفائي الجامعي في ليل، فرنسا مخيفة جداً... ولكن في الحقيقة يتسبّب السكري بإصابات بصريّة وكلويّة. وهو لا يدع لا الأكاليل ولا الأوردة ولا حتى شرايين الأعضاء السفلية. سنوياً، يسبب أكثر من 8.000 بترٍ للأرجل، حيث يمكن تجنّب 3 حالات بتر من أربعة لو تمّ الانتباه والانضباط أكثر. إنما في بلد مثل فرنسا، يتجاهل 800.000 مريض بالسكري حالتهم. بحسب رأي (بيار أمويال)، " 30% من المصابين في الأوردة التاجية مصابون أيضاً بالسكري. مظهراً أيضاً أنّ تناول دواء " سيمفاستاتين" Simvastatine) )، وهو دواء للكولسترول، يخفّض بشكل ملحوظ خطر الأمراض القلبية لدى المرضى بالسكري، وقد سمحت دراسة أجريت للحكومة البريطانية برؤية المنافع المهمّة التي يمكن انتظارها." إنّ التشخيص ضروري إذاً. وحدها العناية السريعة – نظام غذائي، وعلاج مضاد للسكري – ومراقبة مبكرة للكولسترول، تجنّب الأخطار الشريانية. إليكم بعض النصائح البسيطة: توقفوا عن التدخين لحماية أوردتكم؛ عالجوا ارتفاع الضغط الشرياني كزيادة السكر في الدم وانتبهوا للكولسترول. ولكن بشكل خاص، عالجوا داء السكري. والوسائل لا تنقص فالتطوّرات مستمرّة والعناية والإحاطة مؤمنتين بشكل افضل. والغد يجلب معه الآمال بالنسبة إلى المرضى بالسكري من الفئة الأولى والفئة الثانية التي تشكّل أكثريّة الإصابات. حرروا الأنسولين ! كما رأينا، فالعلاجات لا تنقص أبداً اليوم. ولكن ولا أيّ علاج يسمح بحلّ مشكلة السكري الحقيقية: تعويض غياب الأنسولين في داء السكري من الفئة الأولى ومعالجة سوء استخدام الجسم للأنسولين في داء السكري من الفئة الثانية. في هذين المجالين، تبصر أبوابٌ عديدة النور. فقد تكلّمنا كثيراً مثلاً عن طرح أنسولين لا يتمّ حقنه بل تنشّقه! كبعض الأدوية المضادة للربو. وبالكاد نجرؤ على التكلّم عن "حدث" (في المفرد) طالما انّ الأمر لم يثبت بعد. ليس اقلّ من 7 أنواع أنسولين سيتمّ طرحها في الأسواق في الأشهر المقبلة: بعضها على شكل بودرة، ونوعان على شكل جزيئات كريستال والسابع على شكل نقط. ولكن جميعها سيتمّ تنشّقها. بالنسبة إلى المرضى المحرّرين من الحقن اليومية، فالتحسّن سيكون حقيقياً. هل يشكّل الأمر تقدماً حقيقياً؟ إذا ما صدّقنا البروفسور (ستيفاني أميال) من مستشفى كينغ في لندن، فإنّ طريقة الإعطاء الحالية تشكّل مساوئ أساسية بالنسبة إلى طريقة الأنسولين التقليدية التي تحقن تحت الجلد. فهي تسبب انتاج أجسام ضديّة مضادة للأنسولين، إذ إنّ جسم المريض يكافح العلاج. " إنه تراجع في تقدّم العلاج بالأنسولين (الذي يمكن) أن يمنع استخدام هذه الأنسولين خلال الحمل في حال تعدّت حدود المشيمة"، كما صرّحت أمام زملائها. والأمر السلبي الآخر، هو الخلوّ الأحيائي المنخفض جداً للأنسولين المتنشّقة. حتى عشر مرات أقلّ من النوع المحقون تحت الجلد، الأمر الذي يعني أنه يجب إعطاء جرعات أهمّ بعشر مرات لإعطاء النتيجة نفسها. أعطيت، إذاً أنتجت و... موّلت. هل تقبل المنظمات الداعمة مالياً زيادة الكلفة على أساس الراحة فقط؟ يمكن أن تظهر ثورة في داء السكري من الفئة الأولى.قد أظهرت بحوثٌ فرنسية بلجيكية إلمانية بالتنسيق مع الدكتور (لوسيان شاتونو) من الوحدة 580 من INSERN نشرت في حزيران الماضي فائدة علاج بجسم ضدي خاص بالكريّة اللمفاوية (T). لدى مرضى السكري، تهاجم خاليات لانغرهانس المسؤولة عن إنتاج الأنسولين. ولكن هنالك وقت طويل للتأكيد على هذه الفرضية. ولكن تحرير عملية إنتاج الأنسولين يمكن أن يفتح على مصرعيه... في ما يتعلق بالسكري من الفئة الثانية فإن التغيير سارٍ. فالعديد من الفرق في العالم – بخاصة في ألمانيا وأميركا الشمالية – يكتبون تاريخاً جديداً طبيعاياً عن المرض. منذ حوالي مئة عام، كان يعتبر السكري نتيجة إنسداد في فرز الأنسولين (سكري من الفئة الأولى) أو بسبب مفعوله ( سكري من الفئة الثانية). إنما منذ بضع سنوات فُتحت طريق جديدة وهي طريق المواد التي تحفّز فرز الأنسولين. وقد إطلاق عليها إسم GIP و GLP – 1 وهي نوع من الهرمونات؛ كالأنسولين ولكنها لا تنتج من البنكرياس ولكن من القنات الَمعِدية مَعَوية. وبينما يتم إفراز الأنسولين عندما تعلو نسبة السكر في الدم، فإنّ المواد التي تحفّز فرز الأنسولين تحرر " فورياً عندما نتناول الطعام. وهي تسبب إذاً إفراز الأنسولين "، كما شرح البروفسور (دانيال داكير)، مدير معهد بانتينغ أند باست في جامعة تورونتو. أنه إكتشاف صغير من بين إكتشافات الأنسولين... ويشرح هذا الإكتشاف مثلاً لماذا يكون إنتاج الأنسولين أهم بكثير بعد إمتصاص السكر في الفم منه عبر الحقن في العضل! وأكثر من ذلك فقد أظهر الإختبار أنَّ المواد التي تحفّز فرز الأنسولين GLP-1 " تحافظ على خلايات اللانغرهانس وهي تخفض من نسبة موت هذه الأخيرة – وهو نوع من إنتحار طبيعي للخلايا – ويعالج المرض بنفسها وليس عوارضه فقط". بالنسبة الى البروفسور الألماني (مايكل نوك)، " فإنَّ العلاجات الحالية تتميز بهرب المرضى بعد بضع سنوات. ونعاني من خطرٍ محتملٍ لنقصٍ في السكر في الدم تفاعلي – وهو نقص غير طبيعي في نسبة السكر في الدم يُسببه العلاج – أو رؤية المرضى يسمنون ويتعرضون الى مضاعفات قلبية وعائية". " بفضل المواد التي تحفّز فرز الأنسولين يمكننا أن نأمل بعلاج فعَّال أحادي من دون أي مزيجٍ يمكن إستعماله أيضاً في المرحلة ما قبل السكري". وبعد تقديمه أمام المؤتمرين في أثينا فقد تمَّ إخضاع هذا العلاج الى إختبارات سريرية. بعد تجربته على حوالى ألف مريض بالسكري من الفئة الثانية، يسد (سيتاغليبتين) العملية التي تحفظ تحرير " المواد التي تحفّز فرز الأنسولين " لدى مرضى السكري من الفئة الثانية. وهو يشكل إحتمالاً يمكن مقارنته بالعلاج البديل " بنتائج واعدة جداً في ما يتعلق بتعديل السكر في الدم " وفقاً للدكتور (بيتر شتاين) من مركز بحوث ميرك في راهواي في الولايات المتحدة الأميركية. موعدنا المقبل مبدئياً في العام 2007 أو 2008.
Aller à la barre d’outils